2010/06/05





الكامايورا kamayura

(لا يعرفهم الشيب ولا الصلع )



البن , كرة القدم , أول ما يخطر على البال حينما يذكر اسم البرازيل لك أن كونها أكثر دول العالم انتاجا وتصديرا للبن أعطاها شهرة طبقت الأفاق , خصوصا عندما ذاع خبر أنها لجأت في احدى السنوات إلى التخلص من فائض البن باستخذام بعضه كوقود للأفران وما تبقى ألقته في عرض المحيط ليحتفظ البن بأسعاره المرتفعة في الأسواق الدولية .

وجاء نبوغ أبنائها في لعبة كرة القدم فيما بعد , وإنجابها للاعب فذ مثل (بيليه) الذي لقب بالجوهرة السوداء , عامل شهرة أخر للبرازيل , حتى أن هذا اللاعب أصبح الصفة الأولى الملتصقة باسم البرازيل في وقت من الأوقات , ومن بعده تأتي صفة زراعة البن أو لا تأتي .

وراء البن وكرة القدم وبيليه وما حققته البرازيل من انجازات وضعتها على درب النضال من أجل التقدم والنمو .. من قلب أدغال (ماتو جروسو) المترامية , تعيش فئة من البرازليين الأصليين , لا يعرفون شيئا عن بيليه , ويولد المرء منهم ويموت دون أن يرشف رشفة واحدة من القهوة , لأنهم يعيشون بمعزل عما يجري في البرازيل وفي العالم بأسره , نفس الحياة التي كان يحياها أجدادهم البدائيون منذ آلاف السنين .



لاشيب ولا صلع :



قبيلة كاملة اسمها كامايورا تقلص عددها , وانكمشت رقعة نشاطها وانطلاقها بفعل الرجل الابيض فتجمدت حضارتها وثقافتها البدائية المحدودة منذ عشرات القرون , فلم تعط , لخلو وفاضها مما ينفع مركبة العصر التي لا تعتمد إلا على التكنولوجيا . إذا قدر لغريب أن يصل إلى قراهم ويتجول بين أكواخهم , ويختلط برجالهم ونسائهم , فإنه لن يجد بينهم شخصا بدينا وستزداد دهشة الزائر الغريب لأن الشيب لا يعرف طريقه إلى رؤوس المسنين والمسنات من أفراد قبيلة الكامايورا البرازيلية . فشعر كل رجال ونساء القبيلة كثيف أسود فاحم والعجيب أنك لا تستطيع التمييز بين الشاب والكهل . فالتجاعيد لا تكاد تظهر , ومن يطعن في السن وتظهر بعض الخطوط على فكيه ورقبته يحتفظ بقوة مرحلة اكتمال الرجولة عضلياً وذهنياً .

استرعت هذه الظاهرة انتباه بعض علماء الأنثروبولوجيا والاجتماع , وأخطا من قال منهم أن تقاليد قبيلة (كامايورا ) ربما تقضي بقتل كهولهم ومرضاهم كما تفعل بعض القبائل البدائية الأخرى . واتضح فيما بعد خطأ هذه النظرية , وأرجح أنهم يحتفظون بشبابهم وقتا طويلاً بسبب نشاطهم العضلي المستمر وبفضل عاداتهم الغذائية البسيطة , وإن كان العلماء لا ينكرون أثر حروبهم الكثيرة في هذه الظاهرة .



مساكن لا يصل إليها أحد :



معظم عشائر هذه القبيلة يعيش على روافد نهر {اكسنيجو} لكن لا يمكن لمن يجوبون تلك الأماكن ملاحة أن يروا هؤلاء الناس , لأنهم يتجنبون السكنى قرب الماء , ويبنون مساكنهم بحيث لا يراها المتطفلون الذين يأتون اليهم عن طريق النهر .. يبنونها في أماكن مرتفعة تعصمها من غوائل الفياضانات , وبمنأى عن تكاثر البعوض وهم لهذا على حذر من الغريب في موسم الجفاف . والفيضان والبعوض في موسم الأمطار , التي تجرف كل شيء على مساحات واسعة .

وهم ينتقلون لمساكنهم أماكن غير مرئية تخفيها عن الأنظار , ويبالغون في إخفائها بوسائل تمويه نباتية ويحرصون على مراقبة الدروب الموصلة إليها , وفيصعب وصول الغريب إلى قراهم حيا .

تعلموا هذا الحرص الشديد من تجاربهم المريرة مع التجار الوافدين , ومع المقاتلين من جيرانهم قبيلة ( شافانت ) التي تعتبر من أخطر قبائل البرازيل وأشدها عداوة لقبيلة الكامايورا .وهو ما يفسر لنا سر عزلتهم وسبب تخلفهم السحيق .
وإذا كان الإنسان يحتاج غذا من بروتين وكربوهيدرات وفيتامينات لكي يعيش , فإن أهل الكامايورا قد وجدوا هذه المواد الغذائية في بيئتهم الطبيعية منذ الأزل , ولم يغيروا غذائهم أو يطوروا في طريقة صناعته . الرجال يصطادون السمك وهو غذاؤهم الرئيسي نيئاً ,مسلوقاً , مشوياً , أو مملحا . والنساء يجمعن جذور نبات المينهوت , ويستخرجن منها النشا, ويخلصنه من المادة السامة العالقة به , ثم يجففنه , ويصنعن منه الفطائر .
أما الفيتامينات فيحصل عليها الجميع بنفس الطريقة التي تحصل بها القردة عليها من الفواكه من أشجار الغابة , ومة الاعشاب المألوفة المستساغة , والتي أثبتت تجارب الأجداد أنها تفيد ولا تضر .

ليست هناك تعليقات: