2010/07/01

عطارد
MURCURY


يعد كوكب عطارد اقرب كواكب المجموعة الشمسية إلى الشمس , إذ يصل متوسط بعده عنها 36 مليون ميل , إلا أن هذا المتوسط يخفي تطرفاً كبيراً لإهليلجية مدرا هذا الكوكب والتي تشبه إلى حد ما تطرف مدرا كوكب بلوتو أبعد الكواكب عن الشمس . فهو يبتعد عن الشمس في الأوج 43,4 مليون ميل ويقترب منها في نقطة الحضيض 28,6 مليون ميل , وإذا ما أضفنا إلى عامل القرب من الشمس صغر حجم الكوكب (4880 كم ) الذي لا يزيد كثيرا عن حجم قمر الأرض تبين مدى صعوبة رؤية هذا الكوكب ,ونظرا الى انه يقع بين الارض والشمس فإن النظر إليه يستدعي النظر في اتجاه الشمس دائماً وهذا ما جعله يظهر في أوقات مختلفة من السنة إما في الصباح وإما في المساء , ومن ثم ظنه الناس قديماً نجمين مختلفين أطلقوا عليه في الصباح أبولو وفي المساء عطارد . كما أطلقت عليه اسماء أخرى في الحضارات المختلفة . وترجع اسباب تعدد مواقع رؤية هذا الكوكب إلى أن مداره يميل 7 درجات عن مستوى دائرة الكسوف مما يجعله يظهر إما فوق الشمس أو تحتها , أو عن يمينها او عن يسارها وذلك بحسب موقعه منها أثناء دورانه حولها .


حركة عطارد


لعطارد كما لغيره من كواكب المجموعة الشمسية حركتان , الأولى دورانه حول نفسه والثانية دورانه حول الشمس . إلا أن دورانه حول نفسه كان إلى وقت قريب مجالاً للشك . وكان الفلكي الإيطالي شيا بارلي Schia parelli في القرن التاسع عشر قد لاحظ وجود علامات على سطح عطارد , وقام برسمها خلال فترات متعددة , ومن خلال مقارنة هذه الرسومات مع بعضها استنتج أن لعطارد دورة حول محوره تتم في 88 يوماً , وهو في نفس الزمن الذي يتم منه الكوكب دورة حول الشمس . ومعنى ذلك أنه يشبه القمر الارضي في أنه يواجه الأرض بوجة واحد فقط . وهذه الدورة الواحدة حول محوره لم تكن لتحدث مالم يدور حول الشمس . ورغم أن هذه الفكرة لم تقنع كثيرا من الفلكيين إلا أنها النظرية السائدة حتى الستينات من هذا القرن , عندما أعلن جوردن بيتنجل G.H.Pettengill في بورتوريكو عام 1965 أن دورة عطارد حول محوره تتم في 58,7 يوماً أرضياً , وقد أستعان هذا الفلكي بأجهزة الفلك الراداري التي تعتبر أكثر دقة في تقدير دوران الكواكب . ومن ثم فقد ثبت أن الإستنتاجات القديمة من رسومات شيا بارلي وغيره لعطارد كانت خاطئة . وأصبح معلوماً أن عطارد يتم دورة ونصف حول محوره من خلال دروة حول الشمس , أو ثلاث دورات حول نفسه من خلال دورتان حول الشمس أي بنسبة 2-3 .


حرارة عطارد



سبقت الإشارة إلى أن أقرب نقطة يكون فيها عطارد من الشمس هي عندما يكون في الحضيض على بعد 28,6 مليون ميل , وقد قيست درجة حرارة سطح عطارد عند خط الإستواء في هذا الموقع فوصلت 472 درجة مئوية حيث يشتد عليه الإشعاع الشمسي ليصل إلى عشرة أمثال شدته على الارض . وتنخفض كمية الإشعاع الشمسي إلى النصف عندما يكون الكوكب في نقطة الأوج بعيداً عن الشمس . أما درجة حرارة سطح الكوكب في الجانب المظلم منه فتنخفض إلى - 183 درجة مئوية تحت الصفر .

ولا يرجع هذا التفاوت في درجة حرارة عطارد إلى قرب الكوكب من الشمس فقط وإنما لأن طول النهار على سطح عطارد يقترب من ثلاثة أشهر كما أن ليله كذلك . وتقوم الشمس بتسخين سطحه الصخري أثناء النهار إلى درجة تتعادل فيها كمية الإشعاع الشمسي مع كمية الإشعاع من سطح الكوكب بحيث تصل الحرارة إلى أعلى حد لها , بينما تنخفض الحرارة في الليل الطويل نتيجة فقدان الحرارة بالإشعاع من سطح الكوكب إلى الفضاء ووصولها إلى الحد الأدنى المشار إليه . وهذا بخلاف ماهو موجود على سطح الأرض التي يحميها غلافها الغازي من زيادة التسخين في النهار , أو زيادة البرودة في الليل , ونستطيع القول أن كوكب عطارد هو من أكثر كواكب المجموعة الشمسية حرارة وأكثرها برودة في نفس الوقت .


بنية عطارد وتضاريسه


لم تكن جميع الرسومات التي تمت لعطارد قبل رحلة المركبة الفضائية مرينر 10 في عام 1974 م تحاكي الواقع رغم تقدم أجهزة الرصد قبل هذا التاريخ . وقد دلت المركبة الفضائية على وجود آلاف الفوهات المستديرة من جميع الاحجام ابتداء من عشرات الكيلومترات , ويكاد يشبه سطح عطارد قمر الأرض إلى حد كبير . وتتخذ الفوهات المستديرة شكلا يشبه فوهات البراكين الواسعة , حيث يبدو قاع الفوهة منبسطا ومحاطا بساتر ترابي من حطام الصخور , وفي بعض الحفر الواسعة تنطلق من هوائها هالة شعاعية الشكل من تربة ناعمة تبدو أكثر إلتماعاً .
ويكاد يجمع علماء الفلك في الوقت الحاضر على أن فوهات عطارد إنما تشكلت قبل أربعة بلايين سنة من الآن . عندما تعرضت الكواكب والأقمار التابعة لقصف نيزكي في بداية تشكل المجموعة الشمسية . حيث تراوحت احجام النيازك كما هو معروف حتى الآن بين حجم رأس الدبوس وعشرات الأمتار . ونتج عن هذا القصف لسطح الكوكب أن تطايرت الصخور نحو الأعلى ثم هوت إلى الارض حول مكان السقوط مما شكل ساترا دائريا حول هذه الفوهات .
وتنتشر فوق سطح عطارد أيضا بالإضافة إلى الفوهات مرتفعات جبلية يتراوح ارتفاعها بين عدة مئات من الامتار وحتى 2000 متر , كما تمتد بطول مئات الكيلومترات , ويرى علماء الفلك أن هذه الجبال قد نجمت عن انكماش سطح الكوكب بعد برودته . أما السهول التي تغطي سطح الكوكب فهي عبارة عن اغشية من اللابا كانت البراكين قد دفقتها في مراحل مبكرة من عمر الكوكب .
وحسب المعلومات المتوفرة فإن بنية عطارد تتكون من ثلاث أغلفة متعاقبة تبدأ بقشرة رقيقة صخرية من السيليكات ومن غلاف الستار الذي يلي القشرة الرقيقة ويتكون أيضاً من السيليكات , ويصل سمكه مع القشرة 640 كم . أما النواة فتعتبر من أكبر مثيلاتها في النظام الشمسي بالنسبة لحجم عطارد أو يصل سمكها من أسفل الستار إلى المركز 1800 كم وتتكون من النيكل والحديد . وقد عرفت بنية كوكب عطارد من خلال الموجات الزلزالية التي تحدثها النيازك الساقطة على سطحه , حيث ينتشر فيها نوعان من الموجات , الأولى سطحية في طبقة الستار والثانية عميقة وتعبر النواة إلى الطرف الأخر للكوكب .



المجال المغناطيسي لعطارد





أكتشفت المركبة مرينر 10 بالمرور ثلاث مرات أمام عطارد أن لعطارد مجالا مغناطيسيا يتعرض بإستمرار وبكثافة لجزيئات الرياح الشمسية . وقد وجدت المركبة أن خطوط المجال المغناطيسي في الجانب المقابل للشمس قريبة من سطح الكوكب ,بينما تتزحزح هذه الخطوط بعيداً عن الكوكب في الجانب المظلم منه على شكل ذيل طويل , نتيجة لضغط جزيئات الرياح الشمسية , وهي بهذا تشبه خطوط المجال المغناطيسي للأرض .
ورغم أن هذا المجال المغناطيسي غير متوقع لكوكب عطارد نظرا لأن دورانه البطئ حول نفسه لا يكفي لتوليد مثل هذا المجال ,فقد طرحت عدة تساؤلات حول ماهية نواة عطارد , وترجح الأراء أنها كبيرة بالنسبة لحجم الكوكب كما أنها مكونة من الحديد . وبحالة سائلة وحارة .
وتجدر الإشارة في هذا الصددأن شدة المجال لعطارد لا تساوي أكثر من واحد في المائة من قوة المجال المغناطيسي للأرض والمقدر بـ 350 -700 جاما عند السطح . ورغم هذا فهو اقوى من المجال المغناطيسي للمريخ , ويمكنه أن يحتفظ بغشاء رقيق من الغازات الشمسية . إلا أن الضغط الجوي على سطح عطارد لا يزيد عن الضغط الجوي على ارتفاع 1000 كيلومتر فوق سطح الأرض , أي أقل من الضغط الجوي الأرضي بمليون مرة . وربما كان لصغر حجم عطارد , وصغر كتلته التي لاتزيد عن 18:1 من كتلة الأرض بالإضافة إلى جاذبيته الضعيفة التي تساوي 8:3 من جاذبية الأرض أن فشل الكوكب بالإحتفاظ بغلاف غازي , ويممكن معه القول أنه ليس لعطارد غلاف غازي .
المصدر :كتاب الجغرافيا الفلكية
الدكتور : محمد البارودي


الإحــتبـاس الــحــــراري


إن الحرارة المنبعثة من الشمس والمتجهة إلى سطح الأرض , والتي بدورها تطلق الطاقة المنبعثة منها إلى الخارج مرة أخرى . فيتسرب بعضها إلى الفضاء , بينما يحتبس البعض الأخر في الغلاف الجوي بواسطة غازات تعرف بإسم غازات الاحتباس الحراري .ويقوم الإشعاع الممتص بواسطة هذه الغازات برفع درجة حرارة الغلاف الجوي السفلي , والمعروف باسم تروبوسفير troposphere .وفي الحقيقة فإنه دون هذه الغازات فإن درجة حرارة سطح الأرض سوف تنخفض الى ما تحت درجة التجمد . والمدهش أن سرعة زيادة هذه الغازات في الغلاف الجوي عن معدلاتها الطبيعية في الوقت الحالي أعلى من أي وقت مضى , وذلك راجع إلى التلوث القادم من مصادر عديدة كحرائق الغابات وعوادم المركبات (خاصة الطائرات ) ووحدات الإنتاج الصناعي ومحطات توليد الطاقة وغيرهم .




سفانت أرينيوس svant arrhenius



قام العالم السويدي سفانت أرينيوس في عام 1894 م بحساب الزيادة في مستويات الغازات الحرجة بالغلاف الجوي نتيجة العمليات الصناعية . وقد صرح في عام 1896 م أنه لو تضاعفت كمية ثاني أكسيد الكربون في الهواء , فسوف ترتفع درجات الحرارة بمقدار 5-6 درجات مئوية أي (9-11 فهرنهيت ). وهذا الرقم يقترب كثيرا من التقديرات الحالية .



غاز ثاني أكسيد الكربون carbon dioxide


ان كمية غاز ثاني اكسيد الكربون في الهواء الجوي قد ارتبطت بدرجات الحرارة الأرضية عبر مئات الملايين من السنين . فلو قام الإنسان بزيادة نسبته عن المعدل , فإن هذا العمل كفيل بتغيير مناخ كوكبنا . فغاز ثاني اكسيد الكربون يتم تبادله باستمرار بين الغلاف الجوي والمحيطات , ويتم امتصاصه واطلاقه بواسطة النبات والحيوان . أما تركيز ثاني أكسيد الكربون فله دورة موسمية والناتجة عن امتصاصه بواسطة النباتات النامية كل ربيع واطلاقه كل خريف .




وفي المائتي عام الأخيرة غلب على هذه الدورة الموسمية اتجاه تزايدي طويل المدى , يرى هذا الإتجاه أن كل دروة سنوية أعلى من سابقتها , والسبب الرئيسي لهذا التزايد هو تدمير الغابات واطلاق كربونها في الغلاف الجوي . وخلال الخمسين عاما الأخيرة أو ما يقرب , كان السبب السائد هو الوقود الحفري والمحتوي على عنصر الكربون مثل : الفحم والبترول .

إن ما يقرب من نصف انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الناتجة عن عمليات الإحتراق يعاد امتصاصها بواسطة المحيطات والنباتات التي تنمو بشكل أسرع في البيئة الغنية بثاني أكسيد الكربون , ولكن هناك تراكم تدريجي يسبب زيادة سنوية مقدارها 0,4 % من تركيز الغاز بالهواء .
والمدهش أن منذ القرن الثامن عشر , ارتفع تركيز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي ما يقرب من 270 (ppm) جزءا من المليون (parts per million ) إلى 370 (ppm) في الوقت الحالي - وهو مستوى من التركيز يعتقد أن كوكب الأرض لم يصل إليه خلال العشرين عام الماضية .




غاز الميثان METHANE


هو ثاني أكثر غازات الإحتباس الحراري أهمية . ويطلق عن طريق النشاط الإنساني , وهو أكثر فعالية كونه غازاً من غازات الإحتباس الحراري بمقدار عشرين مرةً من غاز ثاني أكسيد الكربون , وينتج على نطاق واسع من خلال اعمال بعض البكتريا توجد - على سبيل المثال - في أحشاء الحيوانات المجترة , أو في أرز الشعير , أو مقالب النفايات في باطن الأرض , كما يوجد مصدر أخر لانطلاقات غاز الميثان من باطن الأرض وهي خطوط أنابيب الغاز الطبيعي ومناجم الفحم . أما النباتات المتحللة في المستودعات الراكدة , فهي مصدر مهم أخر . وتقترح احدى الدراسات الحديثة أن هذه المستودعات مسئولة عن خمس كمية غاز الميثان المنبعث من العالم - مما يزيد إجمالي الحرارة العالمية بمقدار سبعة بالمائة - وتقدر درجة تركيز الغاز الأن بأنها في أعلى معدلاتها منذ 420,000 سنة مضت .


غازات الإحتباس الحراري الأخرى ..


هناك غازات أخرى صناعية لها خاصية غازات الإحتباس الحراري التي تضيف اضافات طفيفة غلى درجات حرارة الجو وتشمل أكسيد النيتروز والأوزون , والتي تنتجها الطبيعة أيضا , وبعض المركبات الصناعية مثل : كلورفلوركربونات CFCs وقد تم معالجة CFCs بشكل كبير خلال الخمسة عشر عاما الماضية لتقليل تأثيره على طبقة الأوزون .ولكن بعض العناصر مثل : الهيدرفلوروكربونات والبيرفلوروكربونات وأيضا سادس فلوريد الكبريت المستخدمين في أجهزة التبريد وبعض الأجهزة الأخرى , لهم تأثير مباشر على ظاهرة الحمو العالمي .وجميع هذه العناصر نصيب مساهمة أوروبا في ظاهرة الحمو العالمي بنسبة 3% .