قبيلة الماورى
(شعب تحدوا الإبادة )
في أقصى الجنوب الشرقي للكرة الأرضية ولأستراليا أصغر القارات , تقع جزر نيوزيلندا بعيدة في عزلتها . وفي هذه الجزر النائية قبائل أذاقوا البريطانيين مرارة القتال في حربين رئيسيتين , كافاتهم عليها بريطانيا بالإهمال وحجب تيارات التطوير والتغيير الاجتماعي عنهم . هذا الإنتقام المدني , بالإضافة إلى الحروب الأهلية التي تنشب بين قبائل الماورى بين حين وأخر , أدت إلى تخلفهم قرونا عن مواكبة العصر , وعلى الرغم من ذلك فقد استطاعو امتصاص أنماط الحياة في نيوزيلندا المعاصرة , وعاشو كجنس متفرد قائم بذاته ,لايزال محافظا على عاداته وتقاليده ,وطرق الحياة التي عاشها أسلافهم منذ عدة قرون .
الأوروبيون الأوائل الذين رست سفنهم على شواطئ نيوزيلندا , وصفوا قبائل الماورى سكان تلك الجزر , بأنهم قوم متوحشون يعشقون الإستقلال , ويضحون في سبيله بالأرواح عن طيب خاطر . ولقد ساعدهم على احتفاظهم بروح الإستقلال تحررهم من الإحتياج , بفضل قناعتهم , وبفضل توفر نبات البطاطا وجودة محاصيله , واعتمادهم عليه في حياتهم ..
وعلى الرغم من تكرار الحروب فيما بينها إلا أنها استطاعت بحضارتها الخاصة تنظيم حياة قبيلة لها قواعدها وأعرافها التي تضبط العلاقات بين جماعاتها وافرادها .
يرجع تاريخ قبائل الماورى في هذه الجزر إلى عام 1340 , حيث رست على شواطئ نيوزيلندا سفن مجموعات من البولينزيين كانوا قد هاجروا من جزرهم في الشمال , واستطاعوا الحياة في الوطن الجديد , فكيفوا أنفسهم على الحياة فيه , وتأقلموا مع البيئة . الغريب أن حضارة الماورى خالية من أي معادن , خاوية من الفخار الذي صنعته واستخدمته كل الحضارات القديمة والحديثة , لا تحتوي على الغزل والنسيج الذي عرفته كل شعوب الأرض لصناعة الملابس والخيام , ويطهون طعامهم على مواقد وفي أفران من الحجارة .
وقد دفعهم الطقس البارد إلى بناء أكواخ مخروطية الشكل من الخشب المحفور بزخارف جميلة , واستخدموا في حفرها أدوات من الصخر , أشبه بتلك التي كانت تستعمل في العصر الحجري .
ومع مرور الأيام ظهر أفراد يجيدون تصريف أمور البلاد ,واقتحموا حقول العلم والمعرفة , ونتيجة لذلك تطورت إلى حد كبير حياتهم الإجتماعية والإقتصادية , إلا أنهم ما زالوا يحتفطون بأفضل جوانب الحياة القبلية للماورى , في محاولة وفاء للقديم , ومواكبة للحديث , بعد عمليات مواءمة اجتماعية بين الماضي ومقتضيات العصر .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق